هؤلاء يدخلون الجنة بلاحساب ولاعذاب
ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه اخبر أن سبعين الفا من أمته يدخلون الجنة بلاحساب ولاعذاب.فتباحث الصحابة الكرام فيما بينهم من يكونون أولئك السبعين الفا، حتى اخبرروا النبي صلى الله عليه وسلم فقال( هم الذين لايسترقون ولايكتوون ولايتطيرون وعلى ربهم يتوكلون ) الحديث رواه البخاري مختصرا ومطولا ومسلم وغيرهما.
ففي هذا الحديث بيان لفضل التوكل وعظمه ، فالمتوكل على الله وهو الذي صدق في اعتماده ولجوئه الى الله و قد أخلص في توكله واعتمد على من لايعجزه شيء سبحانه.
كما نبه النبي صلى الله عليه وسلم إلى التوكل هو الاصل الجامع الذي تفرعت عنه الافعال المذكورة معه فالتوكل على الله وصدق الالتجاء اليه والاعتماد بالقلب عليه هوخلاصة التفريد و نهاية تحقيق التوحيدالذي يثمر كل مقام شريف من المحبة والخوف والرجاء والرضى به ربا والهاوالرضى بقضائه.
بل ربما اوصل العبد الى التلذذ بالبلاء وعدة النعماء ، فسبحان من يتفضل على من يشاء بما يشاء الله ذو الفضل العظيم .
قال العلامة بن القيم رحمه الله :
( وسر التوكل وحقيقته هو اعتماد القلب على الله وحده ، فلايضره مباشرة الاسباب مع خلو القلب من الاعتماد عليها والركون اليها، كما لاينفعه قوله: توكلت على الله مع اعتماده على غيره وركونه اليه وثقته به, فتوكل اللسان شيء وتوكل القلب شيء كما ان توبة اللسان مع اصرار القلب شيء وتوبة القلب وان لم ينطق اللسان شيءفقول العبد توكلت على الله مع اعتماد قلبه على غيره مثل قوله :تبت الى الله وهو مصر على معصيته مرتكب لها ).ا.هـ.
والتوكل اقسام ثلاثة :
الاول : التوكل في الامور التي لايقدر عليها الا الله ، فهذا لايجوز الا على الله ، والتوكل في هذا النوع على غير الله شرك اكبر .
الثاني : التوكل في الاسباب الظاهرة كمن يعلق آماله ورجاءه على احد من الخلق فيما اقدره الله عليه .
فهذا من الشرك الاصغر .
الثالث : التوكل على المخلوق في فعل مايقدر عليه بأن يوكله وينيبه في تحصيله ، لكن من غير تعليق القلب به ، بل يعده سببا ويعلق قلبه بمن اوجد الاسباب فهذا لابأس به.
فواجب على كل مكلف ان يصدق في توكله على الله ويعظم رجاءه في مولاه، لانه ان توكل على غيرا الله وتعلق قلبه به فإنما يتوكل على مخلوق ضعيف عاجز ومااحسن ما قال شيخ الاسلام ابن تيمية – رحمه الله – ومارجا احدا مخلوقا ولاتوكل عليه الاخاب ظنه فيه فإنه مشرك ،
قال الله تعالى (ومن يشرك بالله فكأنما خر من السماء فتخطفه الطير او تهوي به الريح في مكان سحيق )( الحج:31)
وقد وعد الله سبحانه من توكل عليه وعدا عظيما فقال ( ومن يتوكل على الله فهو حسبه)( الطلاق :3)
أي كافية ، ومن كان الله كافيه وواقيه فلا مطمع فيه لعدوهولايضره الا اذىلابد منه كالحر والبرد والجوع والعطش ، اما ان يضره بما يبلغ به مراده فلايكون ابدا.
بل ان الله جعل جزاء التوكل عليه بأن يكفي من توكل عليه سبحانه.
ولم يقل :فله كذا وكذا من الأجر ونحو ذلك ، وانما جعل نفسه سبحانه هو من يتولى كفاية عبده ووقايته ، فلو توكل العبد على الله حق توكله وكأدته السموات والارض ومن فيهن لجعل الله له مخرجا وكفاه ونصره .
واما في الاخرة فالمتوكلون على الله صدقا يدخلون الجنة لأول وهلة بلاحساب ولاعذاب مع السبعين الفا المشار اليهم وقد ورد في حديث ابي هريرة في الصحيحين وصفهم بأنه تضيء وجوههم اضاءه القمر ليلة البدر.
فياله من فضل عظيم نسأل الله ان يشملنا ووالدينا واهلينا به