أبشر يامن غضضت بصرك عمّا حرّم الله وعلا
أبشر يا من غضضت بصرك عن الحرام
- ذكرا كنت أو أنثى -
مقتطفات من كلام الإمام ابن القيم
- رحمه الله تعالى -
في كتابه الجميل البديع الماتع
" إغاثة اللهفان من مصائد الشيطان "
أولاـ :
إشارته - رحمه الله -
إلى أنه لا سبيل إلى زكاة القلب
إلا بعد طهارته ومن سبل طهارته
غض البصر وحفظ الفرج
فإن نجاسة الفواحش والمعاصي
في القلب بمنزلة الأخلاط الرديئة في البدن
فكما أن البدن إذا استفرغ من الأخلاط
الرديئة تخلصت القوة الطبيعية منها فاستراحت
فكذلك القلب إذا تخلص من الذنوب بالتوبة
فقد استفرغ من تخليطه
فتخلصت قوة القلب وإرادته للخير
فاستراح من تلك الجوانب الفاسدة والمواد الرديئة
زكا ونما ,وقوي واشتد
وجلس على سرير ملكه
ونفذ حكمه في رعيته فسمعت له وأطاعت
فلا سبيل له إلى زكاته إلا بعد طهارته
كما قال تعالى :
( قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا
فروجهم ذلك أزكى لهم إن الله خبير بما يصنعون )
فجعل الزكاة بعد غض البصر وحفظ الفرج
(1/57)
ثانيا :
- كلامه - رحمه الله تعالى - عن غض البصر
وان له فوائد عظيمة الخطر جليلة القدر
ولهذا كان غض البصر عن المحارم
يوجب ثلاث فوائد
عظيمة الخطر جليلة القدر :
إحداها :
حلاوة الإيمان ولذته
التي هي أحلى واطيب
وألذ مما صرف بصره عنه
وتركه لله – تعالى-
فإن من ترك شيئا لله
عوضه الله –عز وجل -
خيرا منه.
الفائدة الثانية :
نور القلب وصحة الفراسة
قال أبو شجاع الكرماني :
" من عمر ظاهره باتباع السنة
وباطنه بدوام المراقبة
وكف نفسه عن الشهوات
وغض بصره عن المحارم
واعتاد اكل الحلال لم تخطئ له فراسة "
وقد ذكر الله - سبحانه –
قصة قوم لوط وما ابتلوا به
ثم قال بعد ذلك
( إن في ذلك لآيات للمتوسمين )
وهم المتفرسون الذين سلموا
من النظر المحرم والفاحشة
وقال – تعالى –
عقيب أمره للمؤمنين بغض أبصارهم وحفظ فروجهم
" الله نور السموات والأرض "
وسر هذا :
أن الجزاء من جنس العمل
فمن غض بصره عما حرم الله –عز وجل –
عليه عوضه الله -تعالى-
من جنسه ماهو خير منه
فكما أمسك نور بصره
عن المحرمات أطلق الله
نور بصيرته وقلبه.
الفائدة الثالثة :
قوة القلب وثباته وشجاعته
فيعطيه الله تعالى بقوته سلطان النصرة
كما أعطاه بنوره سلطان الحجة
فيجمع له بين السلطانين ويهرب الشيطان منه
كما في الأثر
" إن الذي يخالف هواه يفرق الشيطان من ظله "
ولهذا يوجد في المتبع هواه
من ذل النفس وضعفها ومهانتها
ما جعله الله لمن عصاه
فإنه سبحانه جعل
العز لمن أطاعه
والذل لمن عصاه
قال تعالى :
" ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين "
قال تعالى :
" ولا تهنوا ولا تحزنوا وانتم الأعلون إن كنتم مؤمنين "
وقال تعالى :
" من كان يريد العزة فلله العزة جميعا "
انتهى (1/57-59)
وهذه الفوائد لمن هذّب جارحة واحدة من جوارحه
فكيف بمن عبّد جوارحه جميعها لربه - جل وعلا -
فصان سمعه ..!!
وقلبه ..!!
وعقله ..!!
واطرافه ..!!
وفرجه ..!!
عما حرم الله
كيف سيكون في حياته
وكيف سيكون مماته ؟
والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات
أبشر يامن غضضت بصرك عمّا حرّم الله وعلا